في اليوم العالمي للغة العربية، نستحضر مكانة هذه اللغة العريقة التي شكّلت عبر قرون طويلة أساسًا للهوية الثقافية والحضارية للأمة العربية والإسلامية، وكانت ولا تزال ركيزة أساسية في نقل الفكر والمعرفة وبناء الوعي الإنساني. فاللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتخاطب، بل منظومة فكرية متكاملة، تحمل في مفرداتها تاريخ أمة، وفي تراكيبها عمق حضارة، وفي بلاغتها جمال التعبير ودقة المعنى.
وقد تميّزت اللغة العربية بثراء لغوي فريد ومرونة عالية مكّنتها من استيعاب مختلف العلوم والمعارف، فكانت لغة الطب والفلك والرياضيات والفلسفة، إضافة إلى كونها لغة الأدب والشعر والبلاغة. ومن خلال الترجمة والتأليف، أسهم العلماء العرب والمسلمون في نقل العلوم إلى العالم، لتكون العربية جسرًا حضاريًا بين الشرق والغرب، ومصدرًا من مصادر النهضة الإنسانية.
وتزداد أهمية اللغة العربية لكونها لغة القرآن الكريم، ما منحها قدسية خاصة ومكانة راسخة في قلوب الملايين، وأسهم في الحفاظ على بنيتها وأصالتها عبر العصور. كما أن هذا الارتباط جعلها لغة حية متجددة، قادرة على البقاء والتأثير رغم التحديات التي فرضتها العولمة وتطور وسائل الاتصال.
وبهذه المناسبة، أكد استاذ اللغة العربية الدكتور عبود جودي الحلي، أن "الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية لا يقتصر على الطابع الرمزي، بل يمثل فرصة حقيقية لمراجعة واقع اللغة العربية وتعزيز حضورها في مختلف المجالات، ولاسيما في التعليم والإعلام والمؤسسات الرسمية. وأشار إلى ضرورة الاهتمام بتعليم اللغة بأساليب حديثة تُحبّب الأجيال الجديدة بها، وتُنمّي قدرتهم على استخدامها بصورة سليمة وواعية.
وأضاف الحلي، أن "اللغة العربية قادرة على مواكبة التطور العلمي والتقني إذا ما حظيت بالدعم الكافي، سواء من خلال تعريب المصطلحات، أو توسيع المحتوى العربي الرقمي، أو تشجيع البحث العلمي باللغة العربية. وشدّد على أن الحفاظ على اللغة مسؤولية جماعية، تبدأ من الأسرة، مرورًا بالمدرسة والجامعة، وصولًا إلى الإعلام وصنّاع القرار.
ويأتي هذا اليوم ليجدد الدعوة إلى الاعتزاز باللغة العربية والدفاع عنها، بوصفها ماضيًا نفخر به، وحاضرًا نعيشه، ومستقبلًا نبنيه، ولتبقى لغة الضاد رمزًا للهوية، وجسرًا للتواصل الحضاري، وأداة فاعلة في صناعة الوعي وبناء الإنسان.
موقع كربلاء الاخباري
تحرير/ فاطمة صالح